أ
حبابي القراء : السلام عليكم
سنبحر معاً في الأعماق
سنحلق معاً في الآفاق
في رحلة مع أهل الله
وأقوالهم وأحوالهم
البداية مع العبودية
عبادة الله سبحانه حق
لكنها على ثلاثة أنواع
الأول : عبادة الخوف ، وهي شأن العبيد مع السادة
الثاني : عبادة الطمع ، وهي عبادة التجار ، يُطعمون التسعة ليأكلوا العشرة .
الثالث : عبادة الحب والقرب ، كشأن رابعة التي قالت : إلهي
ما عبدتك خوفاً من نارك ولا طمعاً فيجنتك
ولكني رأيتك رباً تستحق العبادة
فاختر أيها الأخ الكريم
ويا أختي الفاضلة
أين تجد نفسك من الأنواع الثلاثة ؟
وأيها أقرب إليك وأحب إلى روحك ؟
عرفت جوابك
إنك اخترت النوع الثالث لأنه الأرقى والأسمى
إذاً فاستعد له وتهيأ
أحوال رابعة مع الله :
كانت رابعة تصلّي الليل كله، فإذا طلع الفجر هجعت في مصلاها هجعة خفيفة حتىيسفر الفجر، فكانت تقول إذا وثبت من مرقدها ذاك وهي فزعة: يا نفس كم تنامين! وإلىكم تقومين! يوشك أن تنامي نومة لا تقومين منها إلا لصرخة يوم النشور!
قال لها سفيان الثوري يوماً : " لكل عقد شريطة ولكل إيمان حقيقة فما حقيقة إيمانك ؟ قالت: ما عبدته خوفاً من ناره ولا حباً لجنته، فأكون كأجير السوء ،إن خاف عمل، أو إذا أُعطي عمل، بل عبدته حباً له وشوقاإليه.
وكان صالح المرّى يقول كثيراً: " من أدمن قرع باب يوشك أنيُفتح له، فقالت له رابعة: إلى متى تقول هذا ؟ ومتى أُغلق هذا الباب حتى يُستفتح ! فقال صالح: شيخ جاهل وامرأة عَلمت.
وسئلت رابعة عن المحبة فقالت: ليس للمحب وحبيبه بَيْنٌ ، وإنما هو نطقُ عن شوق، ووصف عن ذوق، فمن ذاق عرف، ومن وصف فما اتصف، كيف تصف شيئاً أنت في حضرته غائب، وبوجودهدائب، وشهوده ذاهب، وبوحك منه سكران، وبفراغك له ملآن، وبسرورك له ولهان! فالهيبة تخرس اللسان عن الإخبار، والحيرة توقف الجبان عن الإظهار، والغيرة تحجب الأبصار عن الأغيار، والدهشة تَعْقِل العقول عن الإقرار، فما ثم إلا دهشة دائمة، وحيرة لازمة ،وقلوب هائمة وأسرار كاتمة، وأجساد من السُقم، والمحبة بدولتها الصارمة وفي القلوب حاكمة.وكانت تقول: يا رب لو كنت أعبدك مخافة النار فأحرقني بها ولو كنت أطمع في الجنة فاحرمني منها وإن كنت لاأعبدك إلا لوجهك فلا تحرمني مشاهدته..
وهذه بعض الأبيات لها، والتي تذوب رقة وعذوبة:
أحبك حبين: حب الهوى
وحبّا لأنك أهل لذاكا
فأما الذي هو حبّ الهوى
فذكرٌ شُغلت به عن سواكا
وأما الذي أنت أهلُ له
فكشفُك للحُجب حتى أراكا
فما الحمدُ في ذا ولا ذاك لي
ولكن لك الحمد في ذا وذاكا
.
.
لاتحرموني من ردودكم